حاشد: أحزابنا تصارع الكهولة… و”الإنقاذ” أقرب إلى يسار الوسط
14 أغسطس، 2016
886 18 دقائق
يمنات – صنعاء
يواصل النائب في البرلمان اليمني، أحمد سيف حاشد، تحضيراته مع فريقه لإشهار حزب “الإنقاذ الوطني”، الذي “يقدّم القيمة الأخلاقية على المصلحة السياسية”. بالنسبة إلى حاشد، فإن الأحزاب التقليدية جميعها، خصوصاً اليمينية منها، “تخوض معركتها مع الكهولة”، وعليه فلا بدّ من قوى وأحزاب جديدة تتّسم بـ”الإعتدال”، و”تتبنّى قضايا الناس”، و”تقاوم الإستبداد والشمولية”.
في حوار خاص مع “العربي”، يتحدّث أحمد سيف حاشد عن رؤيته لواقع الأحزاب اليمنية، مستشرفاً مستقبلها، ومفنّداً رؤية حزب “الإنقاذ الوطني” العتيد، الذي “سيكون أقرب إلى يسار الوسط”.
بداية، ما هو توصيفكم لأداء الأحزاب اليمينية في اليمن، ووضعها، وما تمرّ به راهناً، هل تعتقدون أن هذه الأحزاب فقدت توازنها وتهالكت؟
نستطيع القول إن معظم، إن لم يكن كلّ، الأحزاب والقوى السياسية اليمنية الراهنة، بما فيها حديثة العهد، قد شاخت وتآكلت، وتخوض معركتها الأساسية مع الكهولة وانتهاء عمرها الإفتراضي والسياسي، وتثقل كاهل شعبنا بوضع لا يطاق ولا يحتمل ولا يفترض. هذه الأحزاب، بمجموعها ودون استثناء، لم تفشل فقط، بل قادت اليمن إلى الحرب والدمار والخراب الكبير. ذهب بعضها لفرض قوّته على الآخرين بالقوّة العسكرية، واعتمد على الغلبة العسكرية دون غيرها، وسارع في إيقاع مزيد من التداعيات المؤدّية في المحصّلة إلى دمار اليمن، فيما ذهبت قوى وأحزاب سياسية أخرى إلى إدراج اليمن تحت البند السابع، الذي يخوّل مجلس الأمن التدخّل العسكري في اليمن، ولم تكتف بذلك، بل ذهبت إلى استدعاء عدوان خارجي همجي غليظ متخلّف، لا يفرّق بين ما هو مدني وما هو عسكري.
ولم تكتفِ بهذا وذاك، بل ذهبت تشرعن هذا العدوان، وتتستّر على جرائمه، بما فيها جرائم حرب ارتُكبت بمنتهى الخفّة والفظاعة، ومنها قصف أسواق وأعراس ومخيّمات لاجئين وتجمّعات سكّانية مدنية ومنازل واستخدام أسلحة محرّمة دوليّاً… وليس هذا وذاك فقط، ولكن أيضاً تشرعن لحصار مضروب على شعبنا منذ ما يقارب عاماً ونصف من قبل هذا العدوان، الذي لا يميّز بين السلاح والدواء. كلّ القوى السياسية والأحزاب والنخبة السياسية قادت اليمن إلى هذا الوضع الكارثي، الذي تعيشه اليوم اليمن… نعم، وضع كارثيّ بكلّ المقاييس.
إذاً، أنتم تحمّلونها مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في اليمن؟
نعم. الأحزاب والقوى السياسية دمّرت اليمن بغبائها وارتهانها السياسي والمالي، ووصل الأمر ببعضها حدّ الخيانة العظمى للوطن أرضاً وإنساناً وشعباً. كلّ حزب ارتهن للسعودية والخليج ارتكب بحقّ الوطن ألف خيانة وخيانة.
سبق أن أسّستم جبهة “إنقاذ الثورة”، واليوم تعملون على تأسيس حزب “الإنقاذ”، هل الحزب يأتي امتداداً للجبهة؟
حزب “الإنقاذ الوطني” امتداد لنضال “مستقلّون من أجل التغيير”، مروراً بمنظّمة “التغيير” و”التحالف المدني للثورة الشبابية”، وانتهاءاً بـ”جبهة إنقاذ الثورة السلمية”. حزب “الإنقاذ” وريث حيّ لكلّ تلك النضالات ضدّ التسلّط والإستبداد، بمختلف أنواعه وأشكاله.
نحن نعبّر أيضاً عن نقاء شعبنا وورثاء لنضالاته وامتداد لها. نحن محاولة لإعادة الإعتبار للحركة الوطنية اليمنية، التي شوّهتها الأحزاب والقوى السياسية، التي ألحقت بشعبنا ومكتسباته ضرراً فادحاً لا يُعدّ ولا يوصف.
ما الجديد الذي سيأتي به الحزب؟ وما مدى استفادته من أخطاء الأحزاب اليمنية الأخرى؟
الجديد أن هذا الحزب ـ الذي لا زال تحت التأسيس ـ سيكون استثنائيّاً بكلّ ما تحمله المفردة من معنى. نعمل على أن يكون حزب الإنقاذ استثنائيّاً بكلّ المقاييس.
نحن الحزب الوحيد الذي يقدّم القيمة الأخلاقية على المصلحة السياسية للحزب، ونعتمد على الشفافية والإطّلاع على مداخيل ونفقات الحزب، ليس فقط لأعضاء الحزب ولكن أيضاً الجمهور. وسيكون للحزب حكومة ظلّ، تراقب أداء الحكومة الرسمية، ولجان ظلّ متخصّصة ومهنية تعاون وزير الظلّ، بالإضافة إلى إدارة ظلّ في المحافظات، تراقب مكاتب الوزارات في المحافظات.
كما يوجد في هيكل الحزب برلمان شعبي يقوم بمراقبة أداء البرلمان، بالإضافة إلى أن موعد إعلان الحزب رسميّاً سيأتي في ظلّ ظروف فشل وتعرية وإخفاق كلّ الأحزاب والقوى السياسية في الساحة اليمنية. يمكن القول إنّنا حزب نعشق الإستثناء والإضافة والفارق. إنّنا حزب يعشق المستقبل ومتحرّر.
هل يرتبط حزب الإنقاذ بأيّ أيديولوجية خارجية؟
حزب الإنقاذ ليس حزباً أيديولوجيّاً، ولن نكون. إنّه حزب متحرّر من الأيديولوجيا، حزب متخفّف أيضاً من الماضي، الذي تثقل صراعاته كاهل شعبنا. حزب عينه على المستقبل والآمال الكبار.
هل سيكون الحزب حاضنة جديدة لتيّار اليسار اليمني؟
لا شكّ، سيكون لليسار وغير اليسار حاضنة. سيتبنّى قضايا الجماهير. سيكون حاضنة للكادحين والمعدمين والمسحوقين. سيكون حاضنة لرجال السياسة والفكر والثقافة المساندين للجماهير. حزبنا سيكون حزباً منفتحاً، وربّما في الغالب، سيبدو أقرب ليسار الوسط، ولكنّه أيضاً حزب ثوري، وحزب مهتمّ بالعدالة الإجتماعية، كما يهدف أيضاً إلى إقامة الحكم الرشيد القائم على المساءلة والشفافية والمحاسبة، وما إلى ذلك.
هل سيكون نخبويّاً أو مفتوح العضوية، بمعنى آخر هل هو شعبي؟
سيكون من الإثنين. يسعى الحزب لتكوين نخبة نزيهة ومؤثّرة وقادرة على ترك الأثر المطلوب على وعي الناس، وبنفس الوقت يعمل على انتشاره بين أكبر قطاع من جماهير الشعب التي يتبنّى الحزب قضاياها. وكلّ يعمل ويسند الآخر، ويذود ويدافع عنه.
سبق لكم أن رفضتم عدداً من المناصب في عهد صالح وعهد هادي، هل تريدون لعب دور سياسي من خلال الحزب؟
بصرف النظر عن العروض، شخصيّاً لا أكترث بالمناصب. نحن حزب سياسي، بتقديمنا القيم الأخلاقية نكون أقرب إلى جماعة الضغط، غير أن ذلك لا يمنع الحزب من الوصول إلى السلطة، إن انعدمت الموانع أو القيم الأخلاقية التي تستشرف المستقبل. نحن جاهزون للمعارضة، ومن حقّنا أن نصل إلى السلطة، ولكن ليس على حساب أخلاقنا. سنكون حزباً معارضاً للسلطة، ولكن نتبنّى أيضاً قضايا الناس، ولدينا تجربة غنية في هذا، من جبهة إنقاذ الثورة التي كنّا نترأّسها وندير شؤونها.
إن كان حزبكم يساريّاً أو ذا اتّجاه علماني، ألا تخشون ردود أفعال التيّارات المتطرّفة، والوقوف أمامكم، وصولاً إلى اتّهامكم بعلمنة البلاد؟
ورد في أدبيّات حزبنا الفصل بين شؤون الدين وشؤون الحكم، بعد هذا التخريب والتجريف الذي أحدثته الأحزاب ذات التوجّه الديني. إن الواقع لن يكون إلّا مع الأفضل. الجماعات الدينية خطر على الحاضر والمستقبل، وبعضها يستخدم الديمقراطية للوصول للسلطة، وأوّل ما توصل تنقلب على الجميع، نعم، أوّل ما تفعله تحطيم ذلك السلّم الذي أوصلها إلى الحكم.
إذاً، أنت تعتقد بالحاجة إلى أحزاب معتدلة؟
لا ديمقراطية بدون أحزاب. الأحزاب الراهنة استنفدت صلاحيّتها، بعد أن دمّرت البلاد وارتهنت للعدوان أو للجماعات الدينية. الأحزاب الراهنة تآكلت، والأحزاب المفرّخة أو المفقّسة غير مؤهّلة لتكون البديل، لأنّها أشبه بالبقّالات والدكاكين منها إلى الأحزاب. إن مصيرها مصير الأحزاب الأمّ، التي فقستها وانتهت صلاحيّاتها، إنّها أحزاب ملحقة وتابعة، ولم تفكّر أن تكون مستقلّة وذات صوت مائز. أظنّ أن أحزاباً جديدة ستتخلّق لتحلّ محلّ ما تلف.
قلتم إن حزب “الإنقاذ” سينقذ اليمن من المستنقع الذي جرّها إليه نخب وأحزاب وساسة… هل ستقدّمون مبادرات حلول أو خطط إنقاذ؟
أوّلاً، سنعرّف الجمهور بأنفسنا، وسنخلق رصيداً سريعاً من الثقة بوقوفنا إلى جانب شعبنا، وسنزيد بتعريف شعبنا ونكشف له الأحزاب الذي خذلته ولا زالت تخذله، سننزع عنها ورقة التوت التي تستر ما بقي من عورتها، سنبيّن لشعبنا السنين الطوال التي خدعته وكم خدعته هذه الأحزاب. سنقنع شعبنا أن هذه الأحزاب والقوى السياسية لا تستحقّ البقاء، بل لا تستحقّ حتّى الكفن ولا حفرة الموت التي ستوضع بها، إنّها أحزاب صارت مجيفة ومؤذية وبلا حياة.
كما سنعمل على تنمية ثقة شعبنا بنا وتوجّهاتنا، ونتبنّى قضاياه، ونقاوم ونقارع الإستبداد والشمولية.